لم يأبه له في يوم من الأيام ولم يهتم بمشاعره ، حتى أنه لم يوفر له أبسط حقوقه، حنان الأب ،عاش حياته بعد وفاة زوجته في لهو وكأنه عاد كما كان قبل الزواج، ونسي أو تناسى أن بين عينيه طفل يحتاج إلى
حنانه وعطفه بعد فقده لحنان الأم ، لم يأبه لكل هذا وظل يهتم بنفسه أكثر من إهتمامه به .
ذات مره طلب منه أن يجلس معه ليخبره كيف أن المدرس أعجب برسوماته وأعطاه اللوحة والإبتسامة لاتفارق شفتاه، اخذ منه اللوحة من يده وألقى بها بعيدا طالبا منه أن يهتم بدروسه بدلا من هذه الشخبطات على حد قوله ، وانحدرت دمعة من عينيه وسالت على خد ملأه الهم والحزن .
كان دائما مايحلم أن يغفوا في حضن والده وأن يمسح بيده دموعه عند حزنه ، ولكنه كان يدرك أن ذلك بعيد المنال، وانه يحلم بشيء لايمكن تحقيقه .
في يوم من الأيام كان أولياء الأمور مدعوون لحضور حفل تعارف ومتابعة مستوى أبناءهم وكما كان متوقعا لم يحضر والده ، وظل هو قابعا في زاوية ينظرإلى أصدقاءه ويسمع ضحكاتهم تملأ أرجاء المسرح وكل ممسك بيد و الده ، هنا أيضا نزلت دمعة من عينه بعد أن أغرورقت عيناه بالدموع ولم يجد أمامه سوى الهروب من المدرسة .
ظل تائها في الشوارع والأزقة ولم يهتم لحاله لانه اساسا في دنيته تائه وضائع.
وهو في زحمة تفكيره إذ بسيارة مسرعة تقطع عليه تفكيره ، وخلال لحظات تدهس ذلك الجسد النحيل المثقل بالهموم والمآسي وتتركه جسدا شارفت روحه على فراقه هنا أيضا انحدرت منه دمعة ولكن هذه المره مختلطة بدمائه الطاهره .
ويحمل ذلك الجسد النحيل إلى المستشفى هنا يصل الخبر إلى والده وفي تلك اللحظه فقط أحس بأن لديه إبنا كالملاك على وشك ان يفقده ، يترك كل مالديه ويهرع راكضا كأنه مطارد ، هناك يقف مذهولا لرؤيته وكأنه يرى إبنه لأول مره في حياته ولم يدري بنفسه إلى وهو بين احضانه ويبكي بكاء الطفل طالبا من ولده أن يسامحه على إهماله له
ويفتح ذلك الملاك الصغير أعينه وكأنه لايصدق مايراه : أبي لم أكن أريد منك سوى دفئ أحضانك كما أشعر به الآن ولم أطلب منك سوى حنانك الذي أفتقدته بعد وفاة أمي ، ولكنك بخلت به علي ، هنا أيضا انحدرت منه دمعة ثقيلة أحس بها حتى والده .
ولدي وقرة عيني سامحني وأعاهدك بأن لاأفارقك أبدا وان أعوضك عن حنان أمك وأكون بجانبك ، ولأول مره تشرق الإبتسامة على ذلك الوجه العابس وترتسم على شفتيه كأن الشمس اشرقت بعد غياب طويل ، وأخيرا توقفت عينيه عن ذرف الدموع التي طالما تعود خده عليها ويبتسم والده إبتسامه تخالطها دموعه ويقول في نفسه أن إبنه سامحه والدليل على ذلك توقف دمعه .
ولدي الحبيب هل عفوت عني ؟ ياولدي ؟ أجبني يابني وأرحني أرجوك , ولكن الابن صامت تعلو الإبتسامة وجهه وتوقفت دموعه عن الإنصباب أخيرا ولكنها ، توقفت وللأبد، وهنا يصرخ والده صرخة تملأ أرجاء المستشفى ولددددددددددددددددددي.